في المنطقة الصحراوية على بعد خمسين كيلومترا شرقي العاصمة المصرية القاهرة، يقع البرج الأيقوني في منطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة بمصر والذي يبلغ ارتفاعه 385.8 متر، ويطلق عليه السكان المحليون اسم “الهرم الجديد”، حيث يعمل العاملون الصينيون والمصريون حاليا على قدم وساق، من أجل ضمان إكمال هذه “المعجزة الجديدة” في مصر بسلاسة.
قبل آلاف السنين، بنى المصريون الحكماء الأهرامات التي تتصدر عجائب الدنيا السبع وهي صامدة مع مرور آلاف السنين. كان هذا الشاب المصري يعيش بالقرب من الأهرامات، لكنه حاليا يعمل على بناء معجزة معمارية أخرى في الصحراء على بعد عشرات كيلومترات من الأهرامات ألا وهي العاصمة الإدارية الجديدة لمصر. وخلافا عن الأهرامات، فإن هذه المعجزة الجديدة يبنيها المصريون والصينيون معا.
خلال خمس سنوات من عملية البناء، حقق العاملون المجتهدون عدة أرقام قياسية مثل أسرع بناء للأساس الحصيري الكبير في التاريخ المعماري للشرق الأوسط وإفريقيا، وأربعة أيام لطابق واحد من الهيكل الخرساني، وثلاثة أيام لطابق واحد من الهيكل الفولاذي، كل ذلك نتيجة جهود العاملين الصينيين والمصريين ليلا ونهارا.
من بين التقنيات التي يتحدث عنها، برج المصاعد الإنشائية الذي تم استخدامه في بناء البرج الأيقوني فائق الارتفاع الذي يجمع وظائف متعددة مثل العمل والسكن والتجارة والسياحة، وتبلغ مساحته المعمارية 262 ألف متر مربع وارتفاعه 385.8 متر، ويتكون من الهيكل الخرساني الداخلي والهيكل الفولاذي الخارجي، ويبلغ حجم الفولاذ المستخدم أكثر من 18 ألف طن، وهو أعلى مبنى قيد البناء في القارة الإفريقية حاليا. وقال العاملون إن كامل عملية البناء لا تسمح بأي خطأ ولو كان صغيرا جدا، وخصوصا في ظل البيئة الطبيعية الخاصة لمصر، حيث أن مدير المشروع وي جيان شيون (Wei Jianxun) لديه شعور عميق في هذا الصدد.
قال وي جيان شيون، مدير مشروع البرج الأيقوني في منطقة الأعمال المركزية للعاصمة الإدارية الجديدة بمصر: “تتمثل الظروف الصعبة في مصر في الرياح القوية الدائمة، التي تجعل انتقال الرافعات البرجية أمرا صعبا جدا. مثلا في الـ29 من مارس عام 2020، كان انتقال الرافعة البرجية محفوفة بمخاطر كبيرة، لأن انتقال الرافعات بين الأبراج مختلف عن انتقالها على الأرض، لذا قمنا بحسابات مكررة وراجعنا معلومات الأرصاد الجوية السابقة في مصر واخترنا وقتا مناسبا بعد تفكير شامل، وأخيرا نجحنا في الانتقال ثلاث مرات.”
ما ترك انطباعا أعمق لدى وي جيان شيون (Wei Jianxun) هو العمل خلال فترة وباء كورونا، حيث أثر الوباء على وتيرة المشروع الطبيعية، لكن المشروع كان يتعاون بشكل إيجابي مع الحكومة المصرية وكان العاملون يكافحون كتفا بكتف ويتبادلون المساعدة، من أجل الحفاظ على التعاون الصناعي بين الصين ومصر، ودعم مصر في إنعاش التنمية الاقتصادية، وضمان التقدم المستقر والسليم للمشروع، حيث تم إنهاء بناء البرج الأيقوني في عام 2021، وإنهاء بناء الهيكل الرئيسي لجميع المباني العشرين للمشروع في مارس عام 2022.
يتمثل مفهوم تخطيط العاصمة الإدارية الجديدة بمصر في “التركيز على الحاضر والتوجه نحو المستقبل”، وهذا ما يسعى عاملو المشروع إليه، حيث يدرس بعض العاملين في “معهد لوبان” التابع للمشروع، والذي أُنشأ لتدريب الموظفين المصريين في مهارات البناء، وهو أول معهد من نوعه خارج الصين. ومن خلال اجتماعات وأعمال ميدانية وفحوصات، يساعد المعلمون الصينيون في المعهد في رفع مستوى الموظفين المصريين، الذين يستعدون للمساهدة في ضمان إكمال المشروع ولمواصلة العمل مع الزملاء الصينيين من أجل خلق معجزات جديدة في مصر في المستقبل.